خطوات زيادة الإنجاز والدافعية والرغبة في التعلم عند أطفال صعوبات التعلم
من خلال عملي في مجال التربية الخاصة كأخصائي نفسي، نتعرض للعديد من مشكلات الأطفال التي تحتاج إلى تشخيص وتقييم دقيق ومن ثم تحديد ملامح الخطة العلاجية المناسبة والتي بدورها تساعد في علاج مشكلة الطفل أو تقليل الفجوة التي أحدثها الإضطراب وكذلك التحسين من مهارات الطفل والرفع من قدراته. ومن بين عديد المشكلات والإضطرابات يقف اضطراب صعوبات التعلم (اضطراب التعلم المحدد) كحاجز منيع بين قدرات الطفل وتحقيق أهدافه المنشودة.
هذا الاضطراب يُعتبر تحديًا كبيرًا لولي الأمر، الذي قد يرى ابنه لديه تطوراً ممتازاً في اللغة، يتحدث بطلاقة، ولا يعاني من تأخراً لغوياً ملحوظاً يؤثر علي استيعابه وأدائه الاكاديمي. كما يجد أن طفله يمتلك نسبة جيدة من الذكاء والإدراك. مما يخلق لدي ولي الأمر تسؤالاً يصعب عليه إيجاد إيجابته: “لماذا يُعاني ابني من صعوبة في عملية التعلم؟”.
لذلك، فمن الضروري للأخصائي وولي الأمر مراعاة الفهم التام لصعوبات التعلم عند الاطفال والتحديات والعقبات الناجمة عنها. بجانب وضع خطة علاجية شاملة تناسب قدرات الطفل، وتنظيم بيئته الداخلية (بالمنزل) والخارجية (بالمدرسة). حيث يعتمد علاج هذا الاضطراب على ترتيب بيئة الطفل داخليًا وخارجيًا واختيار استراتيجيات التدريب التي تتناسب مع حالة الطفل.
خطوات تساعد علي تحقيق أقصى استفادة ممكنة من قدرات أطفال صعوبات التعلم:
لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من قدرات الأطفال ذوي صعوبات التعلم، وخلق الدافع والرغبة القوية للتعلم لديهم، ولدفعهم نحو تحقيق المزيد من الانجاز، يجب علي ولي الأمر والأخصائي العمل معاً علي الآتي:
أولاً: فهم طبيعة الاضطراب وضرورة توافق المهام التعليمية مع قدرات الطفل:
يجب أن يفهم ولي الأمر طبيعة هذا الأضطراب وأنه يُمثل حاجزاً منيعاً بين الطفل وتلقيه العملية التعليمية رغم أن مستوى ذكاء الطفل طبيعي أو أقرب للطبيعي، لذلك فتحديد ما يجب على الطفل أن ينجزه داخل العملية التعليمية لابد وأن يتسق مع قدرات الطفل نفسه وأن يندرج ضمن الأولويات.
كلماتي - تعليم الأطفال الكلام
ثانياً: ترتيب بيئة الطفل داخلياً:
لابد ان يكون دور الأسر إيجابياً. وذلك عن طريق قيام ولي الأمر بتسليط الضوء على نقاط قوة لدي الطفل، وعدم التركيز على جوانب ضعفه لديه فقط، فزيادة الدافعية وتشجيع الطفل من خلال ابراز نقاط القوة لديه بجانب العمل علي علاج نقاط الضعف يعد بمثابة المضاد الحيوي النفسي لهذا الإضطراب.
أقرأ أيضاً: كيف أتعامل مع طفل صعوبات التعلم في المنزل؟
ثالثاً: ترتيب بيئة الطفل خارجياً:
عملية ترتيب البيئة الطفل خارجياً تستدعي أن يتم ترتيبها داخلياً، فكما سبق وذكرنا بأن هذا دور الأسرة التي ستنقل ذلك الترتيب الإيجابي للبيئة الخارجية عن طريق توفير الحماية المعنوية للطفل خارجياً سواء المدرسة أو أثناء الإنغماس في أي تفاعلات إجتماعية (مثل: حماية الطفل من التنمر المدرسي، أو حماية الطفل من الكلام السلبي الناجم عن المدرسين قليلي الخبرة)، وتكمن أهمية الحماية المعنوية في الحفاظ على ما تبقى من رصيد الثقة بالنفس لدى الطفل وتعزيزها فيما بعد.
رابعاً: التخفيف من حدة المشكلة وتداعيتها النفسية علي الطفل:
يجب علي الأخصائي وولي الامر مساعدة الطفل علي إدراك فكرة أن البشر بصفة عامة مختلفين من حيث قدراتهم، فنحن جميعاً لسنا سواسية، وكل منا يحمل من القدرات ما يزيد أو يقل عن الأخر. ولكل شخص له ما يميزه من القدرات والإمكانيات. ولا عيب من مواجهة نقاط الضعف والعمل علي حلها. كما أنه الإبداع دايماً ما يكون نتاج ذلك الإختلاف بين البشر. وبالتالي علينا البحث في قدرات الطفل، وإكتشافها، وتنميتها، والعمل علي علاج ما بها من قصور. كما يجب أن نسعي لإكتشاف مواهبة وقدراته الفريدة، وفقد يكون الطفل لديه مهارة أو موهبة فريدة تحتاج لتنميتها، وذلك من أجل أن تظهر للجميع.
خامساً: مساعدة الطفل علي بناء علاقات إيجابية داخل المدرسة:
يجب أن تساعد الأسرة الطفل على تكوين علاقات إيجابية داخل المدرسة سواء مع المعلم أو زملاءه، فعلاقات المودة والصداقة تساعد علي تعزيز ثقافة تقبل الاختلاف وتشجيع علي تحقيق الذات وزيادة الدافعية والإنجاز.
سادساً: وضع خطة تأهيلية علاجية مناسبة:
إن البدء في خطة علاجية تركز على حل مشكلات الطفل أكاديمياً دون مراعاة الخطوات الخمس السابقة، قد يُزيد من الحواجز والعوائق بين الطفل والعملية التعليمية.
فمن المعروف أن اضطراب صعوبات التعلم من أعقد الإضطرابات نفسياً وأكاديمياً على الطفل، وكذلك أسرته، لذلك يبدأ الحل من خلال برنامج تأهليلي وعلاجي، يجمع بين الاتجاهين (النفسي والأكاديمي)، ولا يقتصر دوره علي الجانب الأكاديمي فقط. ويجب أن يشارك الأهل مع الأخصائي به، فللأهل دور كبير في عملية تأهيل الطفل. إن تغافلوا عن دورهم فشلت العملية كلها، وأن أمنوا بدورهم وألتزموا به نجحت العملية كلها.