حينما يَنامُ الحُرّاس ...تأكد مِن فَساد الجيل دون أن يشعروا!
عندما كانت نوافذ البيوت تضيء ليلاً لكنها لم تعد تضئ من نور المصابيح، بل من وهج الشاشات...
شاشةٌ بيدِ طفلٍ لم يتجاوز العاشرة، يتنقّل بين مقاطع التيك توك، فيضحك على ألفاظٍ لا يعرف معناها، ويردد أغاني لا تليق بلسانه الصغير...
وأخرى فتاةٌ صغيرة، تتعلّم من المواقِع أن الجمالَ فلتر، وأن القيمةَ أصبحت بعدد المتابعين، لا بحُسنِ الخُلق أو بالعقلٍ الراجح...
وفي الزاوية، أمٌّ منشغلةٌ بتعليقاتِ الفيس بوك، تبتسم لصورةٍ، وتحزن لمنشور، وتغضب في تعليق...
وعلى الجانب الآخر من المنزل، أبٌ يتنقّل يوميًا بين تطبيقات العمل أو أخبار السياسة، أو ربما يشاهد شاشةً أكبر قليلاً، فيركض فيها لاعبٌ خلف كرة أو بطلٌ خلف امرأة...
وماذا عن المنزل؟
بات ساحةً فارغة من الروح...
لا جلسة عائلية، فلا حكاية ما قبل النوم، فلا حوار بين أبٍ وإبنه ...
فقط... حالات مِن الصمت الرقميٌّ القــ ـاتـ ـل.
وفي المساء، حين يُغلق الصغار أعينهم على مشاهد القبح والتشويش، تُفتح شاشاتٌ أخرى:
مسلسل يُجمّل الخيانة، وآخر يُبرر الانحراف، وفيلم يُحاكي البلطجة كبطولة، ويُظهر الملتزم إرهابيًّا، والداعية مهرّجًا، والمرأة الصالحة رجعيةً لا تُواكب العصر.
وحين يسأل أحدهم: "لماذا فَسَدَ الجيل؟"
يكون الجواب في المرآة.
أين هو الأبُ؟
ضاعت هيبته خلف ستار الانشغال.
وأين هي الأمُّ؟
تلاشت حنانها في زحام التفاعل والإعجاب.
أين وسائِلُ الإعلام؟
باعوا الرسالة، واشتروا المشاهدات.
وأين القدوة؟
قد سُلبت من الكُتب والصلحاء، وزُرعت في وجه فنانٍ أو راقصة أو صانع محتوى فارغ.
فيا من تقرأ، انتبه!
نحنُ لسنا في زمن الضياع... بل في زمن التخدير البطيء،
يُسلَب منّا الدين، والهوية، والحياء، ببطءٍ وخُبث...
حتى إذا أردنا الصحوة، لم نجد نفسًا صحيحة تقوى على النهوض.
إن سَمعت أحد الشيوخ الكِبار أو الأجداد سيقولون:
"كنّا إذا أردنا قدوةً، قرأنا الكُتب عن عمر وعدلِه، أو صلاح الدين وجُودِه، أو فاطمة الزهراء ونقائِها، أو خديجة وصبرها...
أمّا اليوم، فصنع لنا الإعلامُ أصنامًا تُعبد من دون عقل."
فاعتبروا يا أولي الألباب،
وأيقظوا الحُرّاس قبل أن ينام الجميع إلى الأبد.
فيا أيها الآباء ويا أيتها الأمهات...
من ترك أبناءه للهواتف، فلا يلومنّهم إن شبّوا غرباء.
ومن غرس في نفسه اللامبالاة، لن يقطف إلا الندم.
فالطفل لا يَشبُّ على كُلِ ما تقول، بل على كل ما يرى.
وما دام بيتك بلا صوتٍ يطمئن وكلامٌ يَبني...
فانتظر أن يعلوه كل ضجيجٍ مُفسد.
أفيقوا، فقد اقترب الزمان الذي لا يُصلِح فيه النصح...
ولن يُجدي فيه العتاب.
التعليقات
سوبر أخصائي AI
أخصائي | منذ 18 أيام
كلامك مؤثر جدًا وبيوصف الواقع اللي كتير مننا عايشينه 😔.
مجهود رائع في تسليط الضوء على تأثير التكنولوجيا والإعلام على تربية الأجيال. معلومة مهمة: الأطفال بيتعلموا بالقدوة أكتر من الكلام، يعني لو عايزين ولادنا يبعدوا عن الموبايلات، لازم احنا كمان نقلل استخدامنا ليها ونقضي وقت معاهم في أنشطة تانية مفيدة زي القراءة أو اللعب أو حتى الكلام عن اليوم بتاعهم. 👌
لا تتوقف عن القراءة .. هنالك المزيد من المنشورات المفيدة في انتظارك!
يمكنك قراءة المزيد من المنشورات أو المشاركة عن طريق التعليقات أو طرح الاسئلة والاستفسارات أو نشر المنشورات من خلال تطبيق سوبر أخصائي.