مهارات مواجهة التنمر المدرسي لدى التلاميذ ضعاف السمع
في السنوات الأخيرة، زاد الاهتمام برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة في المجال التربوي، وذلك بهدف مساعدتهم على تحقيق ذاتهم وتطوير نموهم، وتأهيلهم للاندماج مع الأفراد العاديين في المجتمع.
وفي الفترة الأخيرة، شهدنا زيادة ملحوظة في أعداد ضعاف السمع في المجتمع. فهم الأفراد الذين يعانون من ضعف جزئي في حاسة السمع بمستوى يتراوح بين (25-70) ديسيبل، وبالتالي يواجهون صعوبات في فهم الكلام المسموع، كما يظهرون قصورًا واضحًا في المهارات الاجتماعية. بجانب شعور زائد بالنقص وعدم الاتزان الانفعالي. وبذلك، يتمثل التحدي الرئيسي مع التلاميذ ضعاف السمع في استثمار إمكانياتهم الاجتماعية والمهنية والانفعالية.
ونناقش في المقال التالي ما يلي:
- لماذا تظهر الحاجة لمواجهة التنمر المدرسي لدي التلاميذ ضعاف السمع علي وجه الخصوص؟
- أشكال التنمر المدرسي علي التلاميذ ضعاف السمع
- أثر التنمر المدرسي علي نفسية الطفل الذي يعاني من ضعف السمع
- مهارات التعامل مع التنمر المدرسي تجاه الطلاب ضعاف السمع
لماذا تظهر الحاجة لمواجهة التنمر المدرسي لدي التلاميذ ضعاف السمع علي وجه الخصوص؟
تتسم شخصية ضعيف السمع بسمات كثيرة، علي سبيل المثال: الابتعاد عن المناقشات، والميل للألعاب الفردية، وتجنب المواقف الاجتماعية خوفًا من صعوبة التفاعل الاجتماعي الناجح مع الأخرين. كما يظهر الطفل ضعيف السمع عدم النضج الانفعالي والاجتماعي، والشعور بالنقص والدونية. ويمكن أن يؤدي كل ذلك إلى السلوك العدواني، مع اعتماد مفهوم سلبي للذات. كما أنهم يعوضون عن شعورهم بالإحباط بالاهتمام بمظهرهم وملابسهم والنواحي البدنية المختلفة.
كما تُسهم النظرة السلبية من المحيطين في تشكيل تصوُّر سلبي لضعاف السمع عن أنفسهم وعن إعاقتهم. وتؤثر هذه التصورات السلبية على نظرتهم إلى قدراتهم وإمكانيتهم وحياتهم ككل.
لذلك أصبحت رعاية واهتمام ذوي الاحتياجات الخاصة وخاصة ضعاف السمع، أمرًا ضروريًا لتطويرهم، فهم يشكلون جزءًا لا يتجزأ من المجتمع. وأصبح التحدي الرئيسي لدى ضعاف السمع يتمثل في كيفية تفاعل المحيطين مع إعاقتهم، وليس في قصورهم السمعي فقط. فالعديد من المشكلات التي يواجهونها تعود إلى عدم تقبل المجتمع لعجزهم وقصورهم، مما يتسبب في تأثير سلبي على شخصياتهم وقدرتهم على التكيف مع البيئة المحيطة.
بالتالي ظهرت الحاجة إلي التركيز علي تنمية فهم المجتمع لتحديات ضعاف السمع وتشجيع أفراده على المشاركة الفعّالة في المجتمع. كما يجب التوعية بأهمية الاحترام والتسامح المتبادل وتعزيز ثقافة التنوع والتضامن لتحسين نظرة ضعاف السمع لأنفسهم وتعزيز إمكانياتهم وفرصهم في التفاعل بشكل إيجابي مع المجتمع وتحقيق إمكاناتهم الكامنة.
أخصائي التخاطب - حسام محمد مصطفى
أشكال التنمر المدرسي علي التلاميذ ضعاف السمع:
تلميذ ضعيف السمع يعيش تجربة إعاقة تتسم بالإحساس العميق بالاختلاف، مما يزيد من ميله للانسحاب من مجتمع الأفراد العاديين وتجنب المشاركة الإيجابية معهم. يركز غالبًا على بناء علاقاته مع أقرانه المعاقين سمعيًا، حيث يجد في هذه العلاقات بيئة تفهم تحدياته وتشجيع على التفاعل.
وما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا هو انتشار التنمر المدرسي بين التلاميذ ضعاف السمع بنسبة أكبر مقارنة بالتلاميذ العاديين. يتعرض التلاميذ ضعاف السمع لسلوك التنمر من قبل زملائهم العاديين، وهو سلوك يتسم بعدم توازن القوى ويتكرر مع مرور الوقت. يتمثل هذا التنمر في أشكال متعددة، مثل:
- التنمر الجسدي:
- الركل والضرب بالقدم.
- اللكم بقبضة اليد.
- الخنق والقرص.
- البصق في الوجه.
- التنمر اللفظي:
- التهديد والإغاظة.
- الشتيمة بأسماء سيئة.
- انتقاد الآخرين بطريقة قاسية.
- التشهير بالطفل.
- التنمر على الممتلكات:
- إتلاف كتب الطفل.
- تمزيق ملابسه.
- إحداث الضرر بالممتلكات المدرسية.
- استخدام ممتلكات الآخرين والأجهزة المساعدة للمعاقين.
- التنمر الاجتماعي:
- التجاهل العمد.
- العزلة عن الرفاق والأنشطة.
أثر التنمر المدرسي علي نفسية الطفل الذي يعاني من ضعف السمع:
تؤكد الدراسات أن ضعاف السمع يتعرضون بشكل واضح لسلوكيات التنمر، ويكونون أكثر عرضة للتنمر بنسبة تصل إلى ثلاث مرات أكثر من الطلاب العاديين. كما أن تلك التجارب السلبية الناجمة عن التنمر تؤثر بشكل كبير على نفسية وسلوك التلاميذ ضعاف السمع، حيث يعانون من انخراط اجتماعي محدود ويشعرون بالاختلاف والنقص.
كما أن زيادة التنمر المدرسي الموجه إلي الطلاب ضعاف السمع يجعلهم يعيشون تجارب نفسية صعبة تتسم بالحساسية، القلق، والاذعان، والشعور بالخجل وعدم الأمان، مما ينعكس سلبًا على تقديرهم الذاتي ومهاراتهم الاجتماعية والتواصل.
وبزيادة مواقف التنمر التي يواجهها ضعاف السمع تعمق هذه المشكلات، وتجعلهم أكثر تعرضًا للضغوط النفسية. فيظهر هؤلاء التلاميذ علامات الانسحاب من المشاركة في الأنشطة المدرسية، أو حتى الهروب من المدرسة تحسبًا لتجنب التنمر. كما يشعرون أنهم مرفوضين وغير مرغوب فيهم، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية وحايتهم الاجتماعية.
مهارات التعامل مع التنمر المدرسي تجاه الطلاب ضعاف السمع:
على الرغم من أن نظام الدمج يسعى إلى تحقيق تفاعل إيجابي بين طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والعاديين، فإنه لا يخلو من التحديات وخاصة تلك المتعلقة بمسألة التنمر المدرسي للتلاميذ ضعاف السمع. وهذا يبرز ضرورة تدريب ضعاف السمع على بعض المهارات الحياتية يمثل جزءًا أساسيًا من دعمهم للتغلب على التنمر وتحسين قدرتهم على التواصل والتفاعل بفعالية. في هذا السياق، يتضمن التدريب الطفل ضعيف السمع على عدة مهارات:
1- الوعي الانفعالي:
- التعبير عن المشاعر المؤلمة والتفكير في نقاط القوة.
- التعرف على أنواع المشاعر والتعبير عنها بطريقة إيجابية.
- التفريق بين النقد الإيجابي والنقد السلبي، وتقبل النقد بصدر رحب.
2- التنظيم الانفعالي:
- تنظيم المشاعر والتعبير عنها بشكل صحيح وفعال.
- الاحتفاظ بالهدوء وعدم الاندفاع في المواقف الضاغطة.
- التفكير في ردود الفعل المناسبة لمواجهة التنمر.
3- التواصل والمشاركة:
- تدريب الطفل ضعيف السمع علي إتقان التواصل اللفظي وغير اللفظي.
- المشاركة الفعالة والتعاون مع التلاميذ وبعضهم البعض.
- تبادل الاحترام بين الطلاب من خلال التواصل الإيجابي.
4- توكيد الذات:
- الدفاع عن النفس والتعبير عن الحقوق والآراء.
- القدرة على المعارضة والقول بالرفض عند الحاجة.
- اتخاذ القرارات والتمسك بها.
هذه المهارات تساعد ضعاف السمع على بناء قدراتهم الاجتماعية والنفسية، مما يعزز اندماجهم في المجتمع ويقلل من آثار التنمر على حياتهم.
وأخيراً، يمكن تنظيم جلسات توعية للطلاب بهدف فهم الإعاقة السمعية وتنمية التعاطف لدي الطلاب وتكوين اتجاهات إيجابية نوحها، وكذلك فهم مفهوم التنمر والتعرف على أثره السلبي على الأفراد، وتشجيع الطلاب على تبني سلوكيات إيجابية ودعم بعضهم البعض، وتعليمهم كيفية التعامل مع حالات التنمر والخطوات اللازمة للإبلاغ عنها.
أقرأ أيضاً : الإعاقة السمعية | تعريف ، أسباب ، أنواع ، تصنيفات ، مؤشرات ، خصائص
وبهذا نكون انتهينا من تحليل ظاهرة التنمر المدرسي تجاه التلاميذ ذوي ضعاف السمع في المدارس وأثرها علي الطفل ضعيف السمع وكيفية تدريب الطفل علي مواجهة تلك المشكلة بشكل سليم حتي لا تترك أثراً سلبياً لديه.
اناالاعاقة سمع الشديد والكلام