الفرق بين الأبراكسيا Apraxia والديسارثريا Dysarthria
تعتبر “الأبراكسيا” و”والديسارثريا ” من الموضوعات الهامة والشائكة والمحيرة في مجال التخاطب والنطق.
وإنهاءاً لتلك الحيرة، يتضمن المقال توضيحًا شاملًا للفرق بين الأبراكسيا والديسارثريا وكيفية التعامل معهما من خلال التقييم والعلاج. مع تسليط الضوء على الأسباب المحتملة لكل اضطراب، والأعراض التي يمكن أن تظهر مع كل منهما. وكذلك أهمية التدخل المبكر والعلاج الشامل لتحسين قدرة الأفراد على التي تعاني من تلكا المشكلتين علي التواصل والنطق.
وما يلي الفرق بين الأبراكسيا Apraxia والديسارثريا Dysarthria من حيث التعريف والأسباب والأنواع والأعراض وطرق التدخل والتأهيل المناسبة.
- أولاً: الأبراكسيا Apraxia
- ثانياً: الديسارثريا Dysarthria
- ثالثاً: الفرق بين الأبراكسيا Apraxia والديسارثريا Dysarthria
أولاً: الأبراكسيا Apraxia:
الأبراكسيا (Apraxia) هي حالة اضطراب في التحكم الحركي الدقيق والتنسيق العصبي لعمليات الحركة المعقدة والمتعلقة بالنطق. يعاني الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب من صعوبة في التخطيط والتنفيذ الدقيق للحركات المتطلبة لإنتاج الكلمات والأصوات بشكل صحيح.
الأبراكسيا تؤثر على القدرة على التحكم في حركات العضلات المختلفة المشاركة في عملية النطق، مثل: تحريك اللسان والشفتين والفكين بشكل مناسب لإنتاج الأصوات والكلمات بطريقة مفهومة. فيصبح من الصعب على الأشخاص المصابين بالأبراكسيا التحكم في تسلسل الحركات والتنسيق بينها، مما يؤدي إلى ظهور أخطاء في النطق والكلام.
وللأبراكسيا العديد من المسميات منها:
- الطفل الأخرق.
- الطفل ثقيل الحركة.
- إضطراب التنسيق النمائى.
المشكلات التي تواجه الأبراكسيا:
- التناسق الحركي: يظهر في ضعف القدرة على تنظيم وتنسيق الحركات العضلية المختلفة المشاركة في عملية النطق، حيث يجد الفرد صعوبة في تنسيق حركة أعضاء النطق لأخراج الأصوات بشكل صحيح. على سبيل المثال: عند محاولة نطق الحرف “ب” قد ينطقها بحرف آخر مثل: “م” بدلاً من “ب”.
- المدى الحركي: يشير إلي ضعف القدرة على التحكم في مدى واتجاه الحركة، حيث يجد الفرد صعوبة في تنظيم فتح وغلق الفم بشكل صحيح أثناء النطق. على سبيل المثال: عند محاولة نطق الكلمة “لا”، قد يجد الطفل صعوبة في تحديد مقدار اندفاع اللسان إلى الخارج.
- التخطيط الحركي: يظهر في ضعف القدرة على تنسيق الحركات العضلية اللازمة لإنتاج كلمة أو صوت معين، حيث يصبح من الصعب على الطفل تحديد كيفية إخراج الأصوات بشكل صحيح. وقد يعتمد الفرد على مهارات التقليد الحركي لمحاولة تكوين الحركات الصحيحة.
أنواع الأبراكسيا:
تشير الأبراكسيا إلى اضطراب في عملية النطق والتحكم في الحركات اللفظية المختلفة، وهناك نوعان رئيسيان من الأبراكسيا يمكن التفرقة بينهما:
- الأبراكسيا اللفظية أو أبراكسيا الكلام (CAS – Childhood Apraxia of Speech): يتسم هذا النوع بأنه اضطراب في نطق الأصوات والمقاطع والكلمات لدى الأطفال. في هذه الحالة، يواجه الطفل صعوبة في ترتيب الأصوات بشكل صحيح أثناء الكلام. على سبيل المثال، عند محاولة نطق الحرف “ت”، قد ينطقه بشكل خاطئ مثل “د”، وهذا يظهر على شكل أخطاء صوتية غير ثابتة.
- الأبراكسيا الفموية (Oral Apraxia): يؤثر هذا النوع على قدرة الفرد على تحريك عضلات الفم لأغراض غير الكلام. يعاني الطفل المصاب بالأبراكسيا الفموية من صعوبة في أداء حركات الفم المعتادة مثل: السعال، البلع، تحريك اللسان، وحتى التقبيل عند الطلب. ومع ذلك، قد يقوم بتلك الحركات دون أن يدرك ذلك. كما يمكن أن تتفاوت حدة هذا النوع من الأبراكسيا، حيث يمكن أن تكون شديدة بما يكفي لعرقلة الكلام بالكامل أو تكون بسيطة تؤثر فقط على لفظ الكلمات الطويلة والمعقدة.
كلماتي - تعليم الأطفال الكلام
أعراض الأبراكسيا:
تختلف الأعراض من طفلاً لآخر، فالعلامات التالية ربما قد لا تظهر كلها عند الطفل، لذلك من الضروري أن يتم تشخيص الطفل من قِبل الطبيب أو أخصائي النطق واللغة الذي لديه المعرفة ليجزم بوجود المشكلة. والجدير بالذكر أنه في حالة الأطفال الصغار جدًا الذين تقل أعمارهم عن عامين، قد يأخر الأطباء في البداية التشخيص للتأكد من أنه ليس مجرد تطور لغوي بطيء (تأخر لغوي). علي كل حال، تتمثل الأعراض العامة للأبراكسيا فيما يلي:
- أخطاء صوتية غير ثابتة في السواكن والمتحركات.
- لا يوجد أي ضعف في أعضاء الكلام (oral motor).
- فصل المقاطع داخل الكلمة الواحدة.
- اللغة الاستقبالية أفضل من اللغة التعبيرية.
- يبدل الأصوات الصعبة بأخرى سهلة أو يحذفها ولديه صعوبة في تقليد الكلام أو الحركات.
- تظهر وقفات طويلة بين الأصوات.
- ربما توجد مشاكل في الأكل.
- زيادة أو قلة الإحساس بالفم ويرفض تفريش الأسنان أو الأكل الصلب ولا يتعرف على مذاق الأشياء بفمه وربما يتلمس أعضاء النطق عند إنتاج الأصوات.
- الكلام التلقائي غير واضح.
- لديه صعوبة في نطق الكلمات المركبة أو الجمل.
- تظهر الصعوبة أكثر عندما يكون قلقًا.
- يصعب عليه فهم الأشياء غير المألوفة.
- يتأخر في تطوير اللغة.
- الأصوات رتيبة ويضغط على المقاطع الخاطئة.
- كلمات خاطئة صعوبة في إنتاجها واسترجاعها.
- عدم قدرة الفرد على التلويح وتقليد الحركات.
- صعوبة في أداء المهام متعددة المراحل مثل تنظيف الأسنان وزر الملابس، وتسمى بالابراكسيا الحركة.
- اتباع التعليمات خطوة بخطوة وسلسلة طويلة من التعليمات وتسمى بالابراكسيا الإنشائية.
ملحوظة: المهارة تحتاج أمرين (تنفيذ وتخطيط):
- المشكلة في التنفيذ فقط: فهي أبراكسيا ومرتبطة أكثر بالكلام.
- المشكلة بالتنفيذ والتخطيط معاً: فهي ديسبراكسيا ومرتبطة بالحركة أكثر.
طرق التدخل والتأهيل المناسبة للأبراكسيا:
يمكن تطوير قدرة الطفل على النطق والكلام من خلال ثلاث مراحل مختلفة باستخدام أدوات talk tools والتلميحات الحسية:
المرحلة الأولى: إخراج الأصوات بأدوات talk tools في هذه المرحلة، يتم استخدام أدوات talk tools مثل الأشكال (المثلث، المربع، الدائرة، الأنبوب ذات المستويات المختلفة) وربط كل شكل بصوت معين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام bite blocks بتدرجات مختلفة من 7:1 لتمكين الفرد من تحسين الأصوات مثل “ممم”، “بب”، “اه”، “او”، “ااااا”، “ي”، “ايي”، و “هه”.
المرحلة الثانية: التلميحات الحسية (tactile cue) في هذه المرحلة، يتم استخدام التلميحات الحسية كوسيلة للمساعدة. وذلك من خلال الضغط على الأيدي بطريقة معينة لتشجيع الطفل على تكرار الأصوات أو الكلمات بشكل صحيح.
المرحلة الثالثة: سحب المساعدات في هذه المرحلة، يتم سحب كل المساعدات التي تم استخدامها في المراحل السابقة. حيث يكون الطفل قادرًا على تقليد الأصوات أو الكلمات بشكل صحيح بدون الحاجة إلى المساعدات.
المنهج السابق يهدف إلى تنمية وتحسين مهارات النطق والكلام عند الأطفال الذين يعانون الأبراكسيا. وتتطلب هذه العملية تدريبًا مستمرًا ومتواصلًا لضمان تحقيق أقصى النجاح في تحسين القدرات اللفظية.
أقرا ايضا: الأبراكسيا Apraxia | تعريف ، أنواع ، أعراض ، أسباب ، علاج
ثانياً: الديسارثريا Dysarthria:
الديسارثريا (Dysarthria) هي الاسم الشامل لمجموعة أعطاب الكلام الناتجة عن خلل في التحكم العصبي لآلية الكلام، وذلك بسبب حدوث إصابة في الجهاز العصبي المركزي أو الطرفي، وبالتالي فهي اضطراب من اضطرابات الكلام يحدث خلل في النطق نتيجة إصابة بالجهاز العصبي المركزي وينتج عنها خلل في العمليات الأساسية اللازمة للكلام والتي هي:
- إصدار الصوت Phonation
- النطق Articulation
- التنفس Respiration
- الرنين Resonance
- الإطار اللحني Prosody
أسباب الديسارثريا:
- إصابة المخيخ: المخيخ في جسم الإنسان مسؤول عن الاتزان في الحركة الإرادية، وعندما يتعرض لإصابة أو خلل، يمكن أن ينتج عن ذلك ديسارثريا مسببة خللاً في التحكم الحركي ومؤثراً على النطق والكلام.
- إصابة العصبون المحرك الأعلى الصوت: في بعض الحالات، يمكن أن يصبح العصبون المحرك الذي يتحكم في حركات النطق والصوت متوترًا بشدة أو مخنوقًا، مما يؤدي إلى بطء معدل الكلام وعدم وضوح السواكن، وانخفاض شدة الصوت.
- انخفاض حدة الصوت: الديسارثريا يمكن أن تؤدي إلى انخفاض حدة الصوت، وفي بعض الحالات، يتحدث المصاب بوتيرة واحدة.
- رنين زائد: يمكن أن ينتج رنين زائد في الصوت نتيجة تشنج سقف الحلق.
- إصابة العصبون المحرك السفلي: يمكن أن يتسبب هذا النوع من الإصابة في ما يعرف الديسارثريا الرخوة، حيث تكون العضلات ضعيفة وتؤثر على النطق.
- إصابات الجهاز الفوق هرمي: وظيفة هذا الجهاز هي تنظيم الحركة، وأعطابه يمكن أن تظهر في حالات مثل الشلل الرعاش.
بالفحص العصبي للمريض المصاب بالديسارثريا، يمكن أن تظهر الأعراض التالية:
- ضعف العضلات، مع ظهور حركات لا إرادية عند محاولة الوصول إلى هدف معين، مثل محاولة المريض الامساك بشيء أو رفع فنجان من القهوة.
- اضطراب في توازن المريض أثناء المشي، مما يجعله يترنح أثناء الحركة.
أنواع الديسارثريا:
الديسارثريا هي حالة متعددة الأشكال، وتظهر بأنماط مختلفة تعتمد على العوامل المسببة ومراكز الإصابة. وتتمثل الأنماط المختلفة للديسارثريا فيما يلي:
- الديسارثريا التشنجية: تشمل هذه الحالة حالات الشلل التوافقي، حيث يعاني المصاب من ضعف في العضلات أو ضمور في العضلات. وتكون هناك زيادة في نغمة الصوت وزيادة في رد الفعل الانعكاسي والتوتر الزائد للعضلات.
- الديسارثريا الرخوة: تكون هذه الحالة في جذع المخ وتصيب عضلات المضغ وتؤثر على تعبيرات الوجه وبعض عضلات البلعوم بالإضافة إلى عضلات الحنجرة واللسان. وذلك يمكن أن يؤدي إلى سيلان اللعاب أو انحراف اللسان للجانب المصاب وزيادة الرنين في الأنف.
- الديسارثريا الرنحية: تظهر هذه الحالة عادة في سن متأخرة بعد مرور 15 سنة، وتكون غالبا وراثية. ومكان الإصابة يكون في المخيخ وتصاحبها حركات لا إرادية، خصوصا في الشفاه واللسان، ورعشة في العين، والضغط على جميع المقاطع الكلامية.
- الديسارثريا الفرط حركية: يكون اللسان في هذه الحالة به حركات لا إرادية، ويكون النطق غير صحيح، مع بحة في الصوت وزيادة غير منتظمة في علو الصوت.
- الديسارثريا الهبط حركية (الشلل الرعاش): في هذه الحالة، يكون الصوت لاهثًا مع وجود مقاطع سريعة وغير واضحة في الكلام، وأيضًا الكلام على وتيرة واحدة.
- الديسارثريا المختلطة: تختلف الأعراض في هذا النوع حسب مراكز الإصابة، وقد تظهر نتيجة إصابات أو أعطاب معينة. يمكن أن تكون متنوعة مثل الرخوة مع التشنجية كما في حالات التصلب الجانبي الضموري (ALS)، أو التشنجية مع الرنحية مع هبوط حركية كما في مرض ويلسون “Wilson’s disease”، أو التشنجية مع الرنحية كما في حالات التصلب المتعدد “Multiple sclerosis”.
أخصائي التخاطب - حسام محمد مصطفى
طرق التدخل والتأهيل المناسبة للديسارثريا:
طرق التدخل والتأهيل المناسبة للديسارثريا تتضمن عدة مراحل وتقنيات مهمة لتحسين النطق والصوت والتنغيم. وتتمثل بعضاً من الطرق فيما يلي:
في البداية يجب أن يفهم المريض أننا سنتعلم سويًا بعض الحركات التي كان يؤديها بالفعل قبل الإصابة، كما يجب أن يركز أثناء حديثه لاكتشاف الخطأ في كلامه، كما يجب سرعة بدء الجلسات، والأهتمام تمارين أعضاء النطق (Oral Motor) حسب احتياج الحالة.
- التقييم الأولي وفهم الحالة: في البداية، يجب على المعالج فهم حالة المريض بشكل دقيق، والتعرف على الصعوبات التي يواجهها في النطق والكلام، وتحديد نقاط القوة والضعف لديه.
- تدريبات التنفس: استخدام تدريبات التنفس البطني (Smith Accent Method) ليتعلم كيفية توظيف النفس في الكلام.
- تدريبات الصوت: باستخدام طريقة التنفس البطني السابقة، ونطلب من المريض الاستمرار في إصدار صوت (أ) حتى يستطيع تحديد طبقة الصوت التي يثبت عليها، ثم الانتقال لباقي الأصوات المتحركة، ثم إلى كلمات مفردة، وكله حسب كل حالة.
- تدريبات النطق: إصدار المقطع الأول من الكلمة منفصل ثم المقطع الذي يليه وهكذا. مثال: “أح / مد”، “مح / مود” مع الضغط على أول الكلمة، والمبالغة في إصدار الأصوات الساكنة، وإطباق الشفتين، مع تدريبات أعضاء النطق والشفاه، والتشديد على الأصوات الوسطى والأخيرة.
- تدريبات الرنين: تقوية عضلات الشفتين، والفك، واللسان، وسقف الحلق، مع تدريبات النطق، كما قد يتحسن الخنف بالتوازي مع هذه التدريبات.
- تدريبات الإطار اللحني: نطلب من المريض أن يبطئ في سرعة الكلام، وأن يتوقف بشكل مناسب، وأن يضغط على بعض المقاطع والكلمات، وكذلك تنغيمها بشكل مناسب.
- المرحلة النهائية: بعد التدريب المكثف على الحركات والنطق والصوت والتنغيم والتنفس، يتم سحب المساعدات، ومنح المريض الفرصة لتقليد الأصوات والكلمات بشكل صحيح بدون مساعدة.
هذه الخطوات تشكل جزءًا من خطة علاج متكاملة لمساعدة الأفراد المصابين بالديسارثريا على تحسين قدراتهم في النطق والكلام.
ثالثاً: الفرق بين الأبراكسيا Apraxia والديسارثريا Dysarthria:
الفرق بين الأبراكسيا والديسارثريا يمكن تلخيصه على النحو التالي:
الأبراكسيا (Apraxia):
- لا تنتج بسبب ضعف في العضلات، بل تنجم عن اضطراب في عملية تخطيط الحركات اللفظية.
- الأخطاء الكلامية غير ثابتة وقد تكون متغيرة بين المرات المختلفة.
- من الصعب تحديد الأخطاء الكلامية بشكل دقيق وتوقعها.
- يوجد رغبة ودافع للكلام، ولكن يتعذر على الطفل تنفيذ الحركات اللفظية بشكل صحيح.
- الجانب الاستقبالي (القدرة على فهم اللغة والاستجابة لها) غالبًا ما يكون جيدًا عند الأطفال المصابين بها.
الديسارثريا (Dysarthria):
- تنتج بسبب ضعف في عضلات أعضاء النطق مثل الشفاه واللسان والحنك.
- الأخطاء الكلامية ثابتة ومتكررة وقد يكون من السهل توقعها.
- لا يوجد رغبة أو دافع للكلام، وذلك بسبب صعوبة تنفيذ الحركات اللفظية بشكل صحيح بسبب الضعف العضلي.
- الجانب الاستقبالي للغة يمكن أن يكون جيدًا، ولكن الصعوبات تكمن في الإنتاج اللفظي نتيجة ضعف العضلات.
بالإختصار، الأبراكسيا تعني صعوبة في تخطيط وتنفيذ الحركات اللفظية بدقة دون وجود ضعف عضلي، في حين أن الديسارثريا تعني وجود ضعف عضلي يؤثر على النطق ويسبب أخطاء كلامية ثابتة.
وبهذا نكون انتهينا من عرض اهم النقاط الخاصة بالفرق بين الأبراكسيا والديسارثريا.