توحد

الفرق بين التوحد وإضطراب التواصل الاجتماعي وماذا عن الحرمان البيئي !

اضطراب طيف التوحد من الاضطرابات الأكثر شيوعاً في وقتنا الحاضر. وهنالك خلط كبير بين اضطراب طيف التوحد واضطراب التواصل الاجتماعي، فقد تتداخل أعراضهما ويصعب تحديد الفرق بين اضطراب التوحد واضطراب التواصل الاجتماعي، مما يخلق العديد من الاسئلة في أذهان المتخصصين وأولياء الأمور علي شاكله:

  • لماذا لا يتكلم إبني مثل الأطفال الأخرين من سنه؟
  • لماذا لا ينتبه طفلي لي ولا يتفاعل معي ولا يعيرني إهتماماً؟
  • هل إبني طبيعي أم مختلف؟
  • هل سيتعافى أم سيظل هكذا طوال العمر؟
  • هل يعاني من الحرمان البيئي أم وقعنا في مصيدة التوحد؟

ولذلك فإن السير علي معايير ومحكات التشخيص الخاصة بكل اضطراب منهما، يساعد علي الوقوف علي الإضطراب بشكل سليم وتشخيصه بطريقة صحيحة. ولا نغفل كذلك الحرمان البيئي والذي يعد سبباً للعديد من الاضطرابات والمشكلات. وفي المقال التالي نجيب عن الاسئلة التالية:

تطور تشخيص التوحد !

يجب الإشارة قبل البدء أن هناك الكثير من الجهد المبذول في مجال التربية الخاصة وخاصة التوحد. حيث وضعت معايير صارمة لتشخيص التوحد في الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس، والتي أدت إلى تغيير خريطة الإضطرابات وتسلسلها. فقديماً بالدليل التشخيصي الإحصائي الرابع كان التوحد تحت وطأة إضطرابات النمو الشاملة، والتي كانت تضم التوحد ، متلازمة إسبرجر ، متلازمة ريت ، إظطراب التفكك الطفولي وإظطراب النمو الشامل غير محدد. لكن جاء الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس وغير خريطة الإضطرابات السابق ذكرها، وأصبح هناك ما يسمى بإضطرابات النمو العصبي. وضم العديد من الإضطرابات التي من ضمنها إضطراب طيف التوحد ، الإعاقة الذهنية وإضطرابات التواصل وغيرهم.

وتغيرت إضطرابات النمو الشاملة لتصبح إضطراب طيف التوحد ضاماً فئة طيف التوحد  ، متلازمة اسبرجر  وإضطراب النمو غير المحدد. جميعهم تحت بند  “التوحد” والإختلاف بينهما في ثلاث أمور رئيسية وهي مستوى الشدة  ، مستوى اللغة ونسبة الذكاء.

والجديد هي ظهور إضطراب جديد في التشخيص فئة كانت توضع أحياناً تحت مسمى التوحد وأحياناً أخرى تحت التأخر اللغوي. اليوم جاء الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس ليضع لهم معايير تشخيصية صارمة. وأصبحوا هم أطفال  “إظطراب التواصل الاجتماعي” تحت فئة إظطرابات التواصل. ولتوضيح الفرق بين اضطراب التوحد واضطراب التواصل الاجتماعي لابد من توضيح المحكات الخاصة بكل منهما.

محكات التشخيص لإضطراب طيف التوحد:

تشخيص التوحد يحتاج إلي إنطباق المعايير والمحكات التشخيصية التالية:

أ) قصور ( عجز) دائم في التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي. والذي يظهر في عدد من البيئات التي يتفاعل عبرها الفرد والمعبر عنه في كل مما يلي سواء كان ذلك القصور حاليا أم أشير إليه في التاريخ التطوري للفرد:

  1. قصور (عجز ) في التفاعل الاجتماعي – الإنفعالي المتبادل، والممتد على سبيل المثال : وجود نهج إجتماعي غير عادي وفشل في إنشاء محادثات تبادلية عادية ، إلى نقص القدرة على مشاركة الإهتمامات والمشاعر أو العواطف، إلى الفشل في البدء بالتفاعل الاجتماعي أو الإستجابة للمبادرات الاجتماعية.
  2. قصور ( عجز ) في السلوكيات التواصلية الغير لفظية  والمستخدمة في التفاعل الاجتماعي، والممتدة على سبيل المثال : من الفقر في توظيف السلوكيات التواصلية اللفظية وغير اللفظية المدمجة في التفاعل الاجتماعي ، إلى القصور في التواصل البصري، وتوظيف لغة الجسد، أو القصور في فهم وإستخدام الإيماءات في التفاعل الاجتماعي، إلى النقص الكلي في القدرة على تعابير الوجه والتواصل غير اللفظي في التفاعل الاجتماعي .
  3. قصور (عجز) في القدرة على تطوير العلاقات الاجتماعية والمحافظة على إستمراريتها وفهم  معانيها ، على سبيل المثال : من صعوبة في تكييف أنماط السلوك لتتناسب مع المواقف الاجتماعية المختلفة، إلى صعوبة في القدرة على مشاركة اللعب التخيلي أو إقامة صداقات، ويمتد لغياب الاهتمام بالرفاق .

ب ) أنماط وإهتمامات وأنشطة محدودة وتكرارية ونمطية معبر عنها في إثنتين على الأقل مما يلي سواء كانت هذه السلوكيات معبر عنها حاليا أم أشير إليها في التاريخ التطوري للفرد أمثلة على ذلك:

  1. النمطية أو التكرارية في الحركات الجسدية (الحركية) وإستخدام الأشياء واللغة مثل: ( الحركات النمطية البسيطة ‘ صف الألعاب في صفوف أو تقليب الأشياء  والمصادة).
  2. الإصرار على الرتابة والإلتزام الجامد بالروتين والطقوس اللفظية وغيراللفظية مثل: ( الإنزعاج  الشديد للتغيرات البسيطة ، طقوس في تحية الأخرين )
  3. إهتمامات محدودة ثابتة بصورة غير عادية من حيث مستوى الشدة أو نوعية تركيزها
  4. فرط أو إنخفاض في الإستجابة للمدخلات الحسية أو الإهتمامات غير عادية لجوانب ( مظاهر ) البيئة الحسية، مثل: عدم الاكتراث للألم أو درجة الحرارة ، الإفتتان البصري  بالأضواء أو الحركات.

ج)  ظهور الأعراض في مرحلة الطفولة المبكرة، ولكنها لا تكون مكتملة الظهور حتى تتجاوز المطالب الاجتماعية مستوى القدرات ، أو قد تكون محتجبة بفعل إستراتيجيات التعلم في مراحل العمر المتأخرة

د)  وجود خلل وظيفي و إجتماعي

هـ ) محك الإستبعاد ” إن الإضطرابات التي تحدث لدى الفرد بفعل هذه الأعراض لا يمكنك أن تفسر نتيجة وجود إعاقة عقلية أو تأخر نمائي عام .

وفي كل الأحوال ، بعد ملاحظة الطفل وانطباق المعايير السابقة عليه لابد من تحديد مستوى شدتها سواء في التواصل والتفاعل الاجتماعي أو السلوكيات النمطية ، ويجب النظر في في جود إعاقات مصاحبة أم لاء.

تنويه: تشخيص التوحد ومتابعة حال الطفل وتأهيله يتم عن طريق فريق مكون من العديد من التخصصات، لا يجب الاعتماد علي المعلومات المدرجة في هذه المقالة فقط بغرض التقييم أو التشخيص أو التأهيل أو العلاج دون الرجوع للمختص!. هذه المعلومات إسترشادية وغرضها التوعية بتلك المتلازمة والاكتشاف المبكر لها، ننصحك دائماً بالرجوع للمتخصصين والمتابعة معهم.

أقرا ايضاً : اعراض وعلامات التوحد عند الأطفال

محكات التشخيص لإضطراب التواصل الاجتماعي:

لتشخيص إضطراب التواصل الاجتماعي لابد من إنطباق المعايير والمحكات التشخيصية التالية:

أ) صعوبات ثابتة عند الاستخدام الاجتماعي للتواصل اللفظي وغير اللفظي كما يتجلى بكل مما يلي:

  1. العجز عن استعمال التواصل لأغراض اجتماعية ، مثل: التحية ومشاركة المعلومات، بطريقة مناسبة للسياق الاجتماعي.
  2. ضعف القدرة على تغيير التواصل ليتناسب مع السياق أو مع احتياجات المستمع. مثل: التحدث بشكل مختلف في غرف الصف عنه في الملعب. والحديث بشكل مختلف إلى طفل عن التحدث إلى الشخص البالغ. وتجنب استخدام لغة رسمية للغاية.
  3. الصعوبات في تتبع قواعد المحادثة وإخبار القصص. مثل: التناوب عند المحادثة ، وإعادة الصياغة عند إساءة الفهم، ومعرفة كيفية استخدام الإشارات اللفظية وغير اللفظية لتنظيم التفاعل.
  4. الصعوبة في فهم ما لم يُنص عليه صراحة ، كالوصول للاستدلالات مثلاً والمعاني المجازية أو الغامضة للغة على سبيل المثال : التعابير والنكتة ، واستعارات المعاني المتعددة التي تعتمد على سياق الحديث.

ب) يؤدي العجز إلى فرض قيود وظيفية في التواصل الفعال والمشاركة الاجتماعية، والعلاقات الاجتماعية والتحصيل الدراسي، أو الأداء المهني، كلا على حدة أو مجتمعة.

ج) تظهر الأعراض في فترة مبكرة من النمو (ولكن قد لا يتوضح العجز حتى تتجاوز متطلبات التواصل الاجتماعي القدرات المحدودة).

د) لا تُعزى الأعراض إلى حالة طبية أو عصبية أخرى. وليس إلى الانخفاض في قدرة تركيب الكلام أو القواعد. ولا تفسر بشكل أفضل بحصول اضطراب طيف التوحد، أو الإعاقة الذهنية (اضطراب النمو الذهني) ، أو تأخر النمو الشامل، أو اضطراب عقلي آخر.

تنويه: تشخيص اضطراب التواصل الاجتماعي ومتابعة حال الطفل وتأهيله يتم عن طريق فريق مكون من العديد من التخصصات، لا يجب الاعتماد علي المعلومات المدرجة في هذه المقالة فقط بغرض التقييم أو التشخيص أو التأهيل أو العلاج دون الرجوع للمختص!. هذه المعلومات إسترشادية وغرضها التوعية بتلك المتلازمة والاكتشاف المبكر لها، ننصحك دائماً بالرجوع للمتخصصين والمتابعة معهم.

الفرق بين اضطراب التوحد واضطراب التواصل الاجتماعي:

الفارق بين الاضطرابين يقوم بناء علي محكات تشخيص لكلاً منهما. للوقوف علي التشخيص السليم لابد من النظر لمحكات تشخيص كلاً من الإضطرابين ، ومعرفة من ينطبق منهما علي الطفل.

يراعى أن ليس كل إضطراباً منهما بديلاً للإضطراب الأخر. أي انه لا يعني ان الطفل الذي يعاني من قصور في التفاعل الاجتماعي ان لم يتم تشخيصه بالتوحد فإنه يعاني من اضطراب التواصل الاجتماعي بدلاً من التوحد. لكن لابد من انطباق معايير تشخيص التوحد حتي يتم تشخيصه الطفل كونه يعاني من التوحد. واذا لم تنطبق المعايير كلها وأردت النظر في تشخيص اضطراب التواصل الاجتماعي. فلابد من انطباق معايير اضطراب التواصل الاجتماعي كلها حتي يتم تشخيص الطفل كونه يعاني من اضطراب في التواصل الاجتماعي. وأن لم تنطبق معايير كلا الاضطرابين ، فقد يقع الطفل تحت تشخيصات واضطرابات أخرى.

وفي حالة قصور الأفراد في التواصل والتفاعل الاجتماعي فقط دون وجود أنماط وإهتمامات وأنشطة محدودة وتكرارية ونمطية التي تصاحب التوحد، أي عدم إنطباق محكات تشخيص إضطراب التوحد الخاص بالسلوكيات. قد تحتاج إلي النظر إلي معايير تشخيص إضطراب التواصل الاجتماعي، فقد يكونوا قابلين للتشخيص به اذا إنطبقت معايير ومحكات تشخيص الاضطراب عليهم.

هل الحرمان البيئي إضطراباً أم سبباً؟

الحرمان البيئي ليس إظطراب. ولا يوجد له معايير ومحكات تشخيصية. بل هو سبب من الأسباب التي تعوق النمو والتطور بالطريقة الطبيعية.

فنلاحظ على سبيل المثال، أن وجود الطفل في بيئة فقيرة غير غنية بمواقف التفاعل الاجتماعي أو الإحتكاك بالاخرين يؤثر علي نمو الطفل وتطوره في التفاعل الاجتماعي. كذلك غياب كلام الأم والأهل مع الطفل، وقلة المواقف الكلامية مع الطفل، وتعريض الطفل للتلفاز مثل: قنوات اناشيد الاطفال واليوتيوب في سن مبكر. كل ذلك يؤثر سلباً علي نمو الطفل خاصة في جانب اللغة والكلام.

في حالة الأطفال التي تعاني من قصور في النمو بسبب حرمان بيئي. فإن التطور والتحسن لديهم يكون سريع  جدًا بمجرد ظبط المؤثرات التي يتعرض لها الطفل، وتفعيل التفاعل الاجتماعي بشكل جيد، وإثراء البيئية التي يعيش بيها بمواقف اجتماعية وكلامية.

أقرا ايضاً : اسباب التوحد

خطوات التدخل السليمة في حالة الشك أن الطفل لديه قصور في التواصل أو علامات توحد:

  1. التأكد من سلامة الجهاز السمعي للطفل عن طريق مقياس سمع كمبيوتر.
  2. التأكد من سلامة الجهاز الهضمي للطفل خاصة في حالة وجود أعراض نقص المناعة والإصابات المتكررة ومن أعراض الجهاز الهضمي الإمساك /الإسهال المزمن ، الحساسية لبعض الأطعمة وحساسية الألبان وغيرها. ويتم هذا مع طبيب تغذية علاجية خاص بالإضطرابات النمائية والعصبية.
  3. زيارة طبيب الأمراض النفسية والعصبية. كذلك طبيب المخ والأعصاب في حالة الحاجة.
  4. تقييم حسي للطفل من خلال أخصائي التكامل الحسي للوقوف علي المشاكل الحسية إن وجدت.
  5. سلامة الطفل صحياً محك مهم جدًا في التشخيص. فعلى سبيل المثال وليس الحصر هناك متلازمة تسمى متلازمة ما بعد إضطراب الأذن الوسطى المتكررة تسبب أعراض شبيه بالتوحد  ، مشكلات الأذن تسبب مشكلات حسية.
  6. لا تتعجل بالتشخيص فملاحظة الطفل فترة كافية من قبل أخصائي مؤهل علمياً وعملياً من أسس التشخيص. كذلك مراعاة التشخيص بكل المعايير التشخيصية الفارقة وبالقوائم الغير رسمية في الملاحظة. والتأكد في النهاية من إنطباق معايير التشخيص الفارقة وفق الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس DSMVII أو ICD11.
  7. تحديد مستوى شدة الإعراض وفق الإختبارات المخصصة كمقياس جليام3 أو كارز 2 أو إم شات في التدخل المكبر وغيرهم.
  8. تقييم الطفل في كافة جوانب النمو لوضع خطة علاجية متكاملة تركز على جميع الجوانب التطورية لنمو الطفل ، وتهدف لتحويل نقاط الضعف لقوة والمحافظة وإستغلال نقاط القوة.
  9. التقييم المستمر للعلاج ولفنيات التدخل المتبعة مع الحالة.

أخيرا ، لن يتقدم الطفل بدون دعم وتقبل حقيقي من الأهل ، ومتابعة جميع نواحي التدخل دون تغافل أو التركيز على جانب على حساب الأخر.

التدخل المبكر يحدث نتائج هائلة والمتابعة في كل الجوانب التأهلية يحدث فارق كبير، ونجد أن الكثير حققوا مراتب جيدة من التطور والنمو بفضل الله، ثم وعي الأهل ومثابرتهم وتعاونهم مع أخصائي مؤهل علمياً وعملياً يعمل بحب وإحسان.

وبهذا نكون أوضحنا الفرق بين اضطراب التواصل الاجتماعي والتوحد، وتوضيح مفهوم الحرمان البيئي والذي يعد سبباً كما أوضحنا وليس تشخيصاً.

أقرا ايضاً : تأهيل التوحد | التدخلات التأهيلية والعلاجية الفعالة والغير فعالة لأطفال التوحد

أخصائي نفسي مريم هاشم
أخصائي نفسي مريم هاشم

سوبر أخصائيين

مقالات بالتعاون مع أخصائيين متميزين في مختلف المجالات بعد تزويدهم للمنصة بمعلومات في مختلف المواضيع المنشورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

سوبر أخصائي - منصة التخاطب والتربية الخاصة

أخصائي التخاطب - حسام محمد مصطفي

متابعة
التدخلات التأهيلية والعلاجية للتوحد

تأهيل التوحد | التدخلات التأهيلية والعلاجية الفعالة والغير فعالة لأطفال التوحد

2766

- مارس 2023 -

توحد -

سوبر أخصائيين

×
error: